صاحبُ المِعوَلُ

صاحبُ المِعوَلُ قصة بقلم الشاعر جهاد بدر

ضربَ رجلُ فقيرا ذات يوم معوله وقلة الذاد تبكيه بعدما كلَّت حيلته فى سعى عن عمل يقيه غائلة الجوع و برد الشتاء و حر الصيف وقيظ الشمس بأسفار الليل .
فقرر أن يبيع معوله ليسد رمق الأوجاع فإفترش السوق وإذا برجل نزل من هيبته ليسأله منتقصا فقر صاحب الحاجة متهكما عليه صائحا فيه : أضعت مالك وضيعت الحياة فما حالك يا فقير ؟؟
فبكى الرجل مرّ البكاء دون ما يزرف دمعا وحمل معوله ليغادر السوق و كأنما الجوع يقتص منه
وإذا بأخر يسأله الحاجة فنظر إليه فوجد الحال من حاله و يزيد فقرر أن يعطيه المعول ليبيعه الرجل ويقضى بالمال حاجته
وقال للرجل : إن لم يُعينك معولى على عمل فبعه لعل من ثمن أن يعينك بعض الشىء
نظر الرجل وقال له يا هذا رأيتك من قليل تبتاعه أو أعطيتنيه لقلة ثمنه ؟
فقال : لا وإنما وجدتك أحق به منى فإن للسائل حقا على المسؤل
فقال الرجل : سمعت من عايرك فهل لى أن أعرف ما حمله على هذا وما قصته ؟
قال الرجل : كان عندى مالا وزوجة و ولدا فذهب المال وتبعته الزوجة والولد وتركونى فإشتدت ضوائق الحياة وذهدت كل شىء
فسأله : وكيف ذهب
فقال : ما كان من الله فهو لله يا رجل
قال صدقت .. يا هذا خذ هذا المال فتاجر به ولما يحل الحول سأتيك لترد على ما أعطيتك .. و إفترقا ولم يفرح الرجل لكنه قرر أن يجد ويجتهد ليرد للرجل فضله وسارع ليسعى فى مناكب الأرض لينمى ما إستؤمن عليه كما عاش طيلة حياته من الحلال يرفض الغش مبتعدا عن الرشوة ويخاف الربا
فمر الحول فجاءه الرجل يسأله عن حاله وماله فحمد الله وشكر وهرول نحوه بالمال كله
فقال الرجل بل أخذ أصل ما أعطيتك إياه وحسب
فرد عليه قائلا : لا و إن فعلت فدعنى أقسم ما ذاد على ثلاثتنا
إستغرب الرجل وقال : ومن ثالثنا
قال : الذى أرسلك إلىَّ هو الله يا رجل وإن له بالأرض عباداً لا يسألون الناس إلحافا ينالهم ما نال جسدى و كل جوارحى من الوهن .
فهذا مالك وقد ذاده الله بالثلث وهذا لى وهذا لله
ذهب عنه الرجل وعاد إليه بعد عام يسأل الناس عنه فوجده قد فارق الحياة يسلم الروح والجسد وشهوات الدنية ومغارمها وكل الحياة لخالقها رب العالمين ، وكل الناس يذكرونه بالدعاء كلما حل إسمه أو حلق بين قلوبهم .
سألهم عن مال الرجل فقالوا ما وجدنا له مال فقد أنفقه فى أوجه الخير ولم نجد غير معول قديم يحيط به السقم وكأنما يبكى على الرجل .
فغسلناه والنور فى وجهه ليخرج منها كما دخلها .
فرد عليهم قائلا لا قد دخلها يبكى و إن كان كما قلتم فقد خرج منها ضاحكا فرحا بلقاء ربه

تحياتى .. جهاد بدر

https://www.facebook.com/ge.badr